البارت (2)
في منتصف شهر يناير في أحدى حدائق مدينة الضباب أشعل سيجارته ورفع ياقة معطفه الطويل
في منتصف شهر يناير في أحدى حدائق مدينة الضباب أشعل سيجارته ورفع ياقة معطفه الطويل
واحكم ربطة الحزام .. يمشي الهوينة وقد أخذته أفكاره للبعيد .. لتلك البلاد التي ابتعد عنها رغماً عنه سنوات فصلته عن مدينته المحبوبة هناك ولد ونشاء .. أهله أصحابه مدرسته أساتذته طفولته وكل ذكرياته ...
.... : حمووووووووووووووووووووووووووودي
التفت مبتسماً : اصغر عيالك أنا حمودي
ناصر : من خمس سنين وأنا أناديك وأنت الله أعلم أي كوكب وصلت
حمد : ههههههههههههههههههههههههه كوكب بلوتو
ناصر : وأنا كل هذي المدة أظن بلوتو كلب ميكي
حمد : أقول نصور عن الهذرة الزايدة وقولي وش كنت تبقى تلاحقني وتناديني
ناصر بجدية : والله يا حمد أنا كلها كم أسبوع ونازل على السعودية وش رايك تخاويني
صمت حمد لدقائق ثم أردف قائلا .. والله يا ناصر أنت تدري بالقصة كلها ماله داعي أعيد وأزيد أغلى ما على قلبي أني أروح اليوم قبل بكرة لكن وش أقول لا حول ولا قوة ألا بالله .. الله يسهلها وييسر ألأمور
هز ناصر رأسه متأسفاً لحال صديقه العزيز وبعدها خرجا من الحديقة ليصلا لتلك الشقة التي جمعتهما لسنوات وأثناء الطريق ظلا صامتين وكل منهما ذهبت به أفكاره للبعيد
فحمد كان كل تفكيره منشغلا بعائلته وزاد حنينه كلام ناصر أغمض عينيه وذهب هناك لذلك اليوم المشئوم .. ذالك اليوم الذي أحكم عليه بالإعدام عندما صدر قرار أبعاده عن وطنه وعائلته
أما ناصر فكانت فرحته برجوعه لوطنه وأهله ناقصة فصديق الغربة حمد لن يكون متواجدا معه
في ديار الخير
** لندع ناصر وحمد في تفكيرهما ولنذهب ونهبط على أراضي السعودية وبالتحديد في مدينة الخبر
في أحد الأحياء الراقية عائلة ذات حال ميسور تتكون من ....
أبو حمد و أم عبدالله
ولديهم ثلاث أبناء ( عبدلله الابن الأكبر 19 سنه أول سنة هندسة معمارية بجامعة البترول)
(هياء 16 سنه أول ثانوي )
(سارة 13 سنة أول متوسط )
... ماما تكفين لا تكسرين خاطري خذي لو ملعقة وحده يعني إلى متى بتظلين كذا اللي صار صار والحمدلله على كل حال
أم عبدالله ............
.... واللي يخليك كفاية امسحي ذا الدموع وش بيفيد البكاء الحين بيرجع اللي راح أو بيغيره
.... هيونه خليها على راحتها لا تضغطين عليها أكثر من كذا
هياء : بس يا سارة مو وضع ذا.. أنتي كنتي صغيرة حيل ولا تدرين وش السالفة والموضوع صار له سنوات وأمك على نفس حالها من ذاك اليوم
كانت تتنقل بنظراتها وتتفحص أبنائها الملتفين حولها لم تكن تسمع أي من كلامهم فلقد أخذها تفكيرها للبعيد لذلك الغائب كم اشتاقت له ..
أم عبدلله : ليت الأيام ترجع وينمحي اللي كان وترجع تعيش بوسطنا ... كان هذا ما يدور في ذهنها
أشارت بعدها لهياء ...
هياء : نعم ماما .. ودك ترتاحين في غرفتك
أومأت برأسها بنعم .. ألتفت هياء وأمسكت بالكرسي المدولب ودفعتها إلى غرفتها
وأثناء خروجها من غرفة أمها دخل عبدالله
..هلا هلا وغلا بهيونة الحلوة العسل
هياء : سلامات يابو الشباب وش ذا الكلام الحلو تراني هياء أختك والله مو أي وحدة ثانية
عبدالله : أدري والله أدري انك أم كشة
هياء : أيوه كذا أنت اخوي عبودي من شوي خفت عليك ظنيتك مريض ولا أحد بدلك
عبدالله : أقول مالت عليك بس جد ما تستاهلين الدلع المووووهيم أخوك ميت جوع ياليت تسوين لي أي شي أكله ولا تخلين العلة سريافي تقرب من الأكل اللي لي
سارة : أنا مدري وش فيك عليها مسكينة وش حليلها
عبدالله : بسم الله الحين أنتي وش دخلك يا زينك ساكتة
هياء : واك واك فشلوها لقطي لقطي .. بس جد عبود الحين انت ليه ما تحبها
عبدلله : مدري بس أحسها مقرفة
هياء وسارة ... ههههههههههههههههههههههههههههههههههه والله أنك شي
سارة : طيب وش رايكم نسوي لنا كلنا عشا ووو بوب كورن وخرابيط ونسهر على فلم
عبدلله : مع أني ودي أذبحك بس فكرة حلوة ها هيونه وش رايك
هياء : أوك وخصوصا بكرة خميس يعني ما في مدااارس
عبدلله وسارة : أبو الدفرة يا شيخ
بعدها ذهبت هياء إلى المطبخ وبدأت تعد ما اتفقوا عليه وبالها مشغول في أمها تتمنى لو تجد حلا لهذا الموضوع وتنهيه ..
في صباح اليوم الأخر ..
أبو حمد جالس على أحدى الكنبات في الصالة وبيده ريموت التلفاز ويقلب في القنوات ..
أطل على ساعته فوجدها العاشرة تلفت هنا وهناك ولم يجد أحدا من أبنائه
أبو حمد : لا اله إلا الله وينهم ذا العيال ولا احد منهم موجود ..
وأخذ ينادي بصوت عال ... أم عبدلله يااااااااااااااااا أم عبدالله
ولا من مجيب .. ذهب إليها وراءاها كالعادة جالسة على كرسيها المدولب بعد أن ساعدتها سريافي في النهوض من السرير وتنظر في الفراغ
أبو حمد : أستغفر الله الحين أنتي إلى متى بظلين كذا ترى تعبت منك حيل ولا تتوقعين أنك بهذي الطريقة بتضغطين على وتخليني أغير رأيي
والله ثم والله أنو أنا حتى أسمي ودي ما يقولون لي أبو ... أستغفر الله لا تذكريني فيه عسى ربي ياخذ روحه ونفتك منه ولا تجلسين تتبكبكين لي ترى جد مليت من ذا الحال
في مكان أخر من الدور العلوي ...
سارة على جهاز اللاب توب منشغلة بمحادثة في المسن ...
*** سااااااارونة أحلى مغرورة << فديتني
أي وبعدين وش صار << أحس مو مصدقة
*** يا قلب ما يكفي اللي صار
أبدا والله بعدها تفارقوا وحلفوا ما يكلمون بعض
لكن ما عليك منهم كلها يومين ويرجعون لأنو اللي بينهم عمر يعني مو معقول على شي تافه مثل كذا يتفارقوون
*** سااااااارونة أحلى مغرورة << فديتني
صووووووح معك حق والله
المووووهيم قلبوووو أنا الحين بروح أسوي لي شي أكله وأتروش
بايااااات
*** يا قلب ما يكفي اللي صار
أوك يا عسل
سيآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ
لنعد لأراضي مدينة الضباب في شقة حمد وناصر بالتحديد
حمد : والله مظلوم يا ناصر وربي مظلوم أنا تعبت من ذا الظلم ومن ذا الهم سنوات وأنا أتعذب
أشتقت لأمي وأخواني والله أشتقت حسبي الله في اللي كان السبب
ناصر : ألا ما تطلع الحقيقة في يوم من الأيام تعوذ من الشيطان وصدقني ما راح أتركك أنا بس أوصل الديرة وأدور عليهم وأنقل لهم أخبارك وأقول لهم أنك بخير وأحاول أوصلكم لبعض وأدور على الحقيقة وترجع وأنت رافع الراس
هز حمد رأسه وسرح في البعيد